الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
تشرين نريد وطن وتشرين نهدم وطن!!

   "الثورة ليست بتفاحة تسقط عندما تنضج , عليك أنت أن تجبرها على السقوط" .... تشي جيفارا

   ان انتفاضة تشرين علامة مشرقة في تاريخ العراق المعاصر، اندلعت شرارتها من قلب بغداد النابض، في ساحة التحرير، ثم الى المحافظات العراقية، ولدت بعد ان استشرى الفساد بكافة مفاصل اجهزة الدولة، فخرج الشباب مطالبين بالوطن وشعارهم "نريد وطن" وكانت الاكبر في الاحتجاجات العراقية والتي طالبت باجراء انتخابات مبكرة وتحسين الخدمات وتوفير فرص العمل وانهاء النفوذ الايراني، فتصدت الحكومة ورئيسها السيء الصيت عادل عبدالمهدي باجهزته الامنية وفصائل الميلشيات القمعية الموالية لإيران باستهداف النشطاء والمتظاهرين، ليستشهد منهم المئات واصابة الالاف من الجرحى وخطف وتغييب المئات على مرأى ومسمع العالم كله، والحملة الشرسة الاعلامية التي طالت هؤلاء المنتفضين واتهامهم بالولاء للسفارات والطعن في سلوكهم واطلاق الكلام السوقي عليهم لتشويه سمعة الانتفاضة وثوارها ، بالرغم من كل ذلك استطاعوا ان يسقطوا حكومة عادل عبدالمهدي، ويطالبوا بتعديل قانون الانتخابات وتم ذلك بالغاء طريقة سانت ليكو واعتماد طريقة القوائم المتعددة التي تتيح وصول الكفاءات والشخصيات المستقلة والذين لا يملكون الاموال للوصول الى قبة البرلمان و المواقع التي تعتبر حكرا للاحزاب الكبيرة الفاسدة والمليشيات المسلحة والمطالبة بان تكون المفوضية العليا المستقلة للانتخابات في العراق مستقلة بكل معنى الكلمة واصبحت هذه التظاهرات قوة شعبية ضاغطة على خيارات الكيانات والاحزاب السياسية الاسلامية المهيمنة على القرار العراقي واستمرار المطالبة لتشريع قوانين تلبي طلبات الحركة الجماهرية في ساحات الانتفاضات واعادة الشخصية الوطنية اللواء عبدالوهاب الساعدي الى منصبه.

   وبالرغم من مقاطعة الانتخابات من اغلبية الحراك الشعبي التشريني والمستقلين، استطاع البعض من التشرينيين وبعض المستقلين ان يحالفهم الفوز بتسعة مقاعد من حركة امتداد التي تأسست في الاول من كانون الثاني عام 2020 نتيجة تظاهرات تشرين والتي يرأسها الناشط التشريني علاء الركابي والذي بصدد تشكيل تحالفا مع بعض المستقلين والحركات المعارضة للحكم الذين فازوا باكثر من عشرين مقعداً، وتحقيق شعارهم "نريد وطن"

   بعد الانتخابات وظهور النتائج وخسارة الاحزاب الاسلامية ومليشياتها المسلحة الكثير من مقاعدها، والتي تعتبر انتكاسة لهذه الاحزاب وتراجع غير مسبوق من انتخابات عام 2005 والى 2018، اعتبرت صفعة او لكمة من الشعب العراقي وهذا دليل واضح بان الشعب لا يسمح ان يكون المستقبل كالماضي، فجن جنون قادة تلك الاحزاب وخرجت ابواقهم بالهجوم على رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة مصطفى الكاظمي و الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وبيان مجلس الامن والامم المتحدة والاتحاد الاوربي والامارات العربية المتحدة واتهامها بتزوير الانتخابات ، فاصدروا بياناتهم التهديدية بالاعتصام واقتحام المنطقة الخضراء اي مقر الحكومة!! والتهديد بحرب اهلية وتخريب الوطن من اجل مصلحتهم التي خسروا البعض منها في هذه الانتخابات، فشكلوا "الإطار التنسيقي للقوى الشيعية" في منزل نوري المالكي السيئ الصيت والذي سلم الموصل للدواعش، فبدلا ان يحاكم على جريمته، يطالب "بولاية" ثالثة تحت شعار نعيدها دولة ولا نعلم اي دولة يقصد، وهو كان رئيس الدولة لاكثر من ثمان سنوات وفي خلالها افسد الدولة واصبح القتل على الهوية المذهبية والدينية والطائفية وهاجر الالاف الى خارج العراق مشتتين ، اما الفساد فحدث بلا حرج !! ودعا هذا "الايطار" الى مظاهرات واعتصامات ضد نتائج الانتخابات وبدعم من فصائل الحشد الشعبي،التي اصبحت جزءا لا يتجزأ من السلطة الفاسدة واتهامها بالممارسات القمعية والتي تضم 160 الف مقاتل، اضافة الى المئات من "الفضائيين" في العراق.

   ما زال المعتصمون وعناصر الحشد الشعبي يتوافدون الى ساحات الاعتصام وبناء عشرات الخيم قاطعين الطرق ومعلنين بان كل الخيارات مفتوحة امامهم الا في حالة فرز الاصوات يدويا، اي تغيير نتائج الانتخابات بالسلاح والترهيب، والبقاء في السلطة لاستمرار الفساد.

   المضحك المبكي بان قيس الخزعلي رئيس ميلشيا عصائب "اهل الحق" دعا القوات الامنية لحماية المعتصمين ونسى بان فصائل الحشد الشعبي وهم جزء من القوات الامنية والداعمين لوجستيا لهذه الاعتصامات، اي جزء من الدولة ضد الدولة !! ولهذا يطالب المعتصمين بعدم حل او دمج الحشد الشعبي مع القوات المسلحة ويبقى ذراعا عسكريا للاحزاب السياسية الاسلامية ولكن الانتخابات الاخيرة لقنتها درسا مدويا فقدت صوابها بحيث اصبحت تهدد يوميا بحرب اهلية.

   في تشرين 2019 خرج المتظاهرون رافعين شعار "نريد وطن" اما في تشرين 2021، خرج المتظاهرون من الكيانات للاحزاب الاسلامية والخاسرة في الانتخابات المبكرة رافعين شعار "نهدم وطن" بتهديداهم المستمرة وقطع الطرق يشارك فيها عدد من زعماء الفصائل المسلحة مثل اكرم الكعبي وأبو آلاء الولائي وآخرون، ان انتكاسة قادة الاحزاب المهيمنة على السلطة، ليس الا درسا بليغا ليتعلم هؤلاء جيدا برفض الشارع العراقي للفساد والمال المنهوب والسلاح المنفلت وعليهم مراجعة مواقفهم والا سوف لا يجدون حفرة يختبئون فيها كما اختبى قبلهم!!

  كتب بتأريخ :  الجمعة 29-10-2021     عدد القراء :  2544       عدد التعليقات : 0