الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
صفعة بابل بعد صفعة.. الانتخابات!!

"الحرية لا تُمنح وإنما يتم انتزاعها"

جيمس آرثر بالدوين.

وسط تحذيرات من جماعات  وجهات اسلامية متطرفة وبيان  محافظ بابل حسن منديل"سبق وتم القاء القبض عليه في نسيان الماضي  بتهمة الفساد"حول الغاء الفعاليات الغنائية  في مهرجان بابل استجابة لطلبات ومناشدات طلبة العلوم الدينية  وشخصيات اجتماعية بذريعة «قدسية» المدينة!! ولا نعلم عن عدد الطلبة وعدد الشخصيات الاجتماعية!!ولاعن  هذه المجموعة التي اغلقت عقولها  واذهانها بقيود الجهل،

افتتح مهرجان بابل الدولي على مدرجات مدينة بابل التراثية العريقة بحضور جماهير حاشدة فاق كل التوقعات وفوق الطاقة الاستيعابية للمدرجات وعاد المئات منهم  ادراجهم  بسبب نفاذ التذاكر الخاصة بالمهرجان، وهذا يعتبر ردا عنيفا لقوى الظلام ورموزه من الاحزاب الاسلامية ومليشياتها المسلحة ورجالها المعممين وانتصار للشعب الذي يرغب بعودة الحياة الثقافية  بكافة مفاصلها  بعد اكثر من عقدين من الزمن   في نشر الافكار الطائفية والمذهبية  وابعاد المشهد الثقافي والفني والابداعي  عن الساحة العراقية  التي غادرها خيرة الفنانين والمثقفين والمبدعين  في المسرح والسينما والتلفزيون ومنهم من مات وعيونه شاخصة نحو العراق الذي تركه قسرا،وعاش في بلاد الغربة  بعد ان احتله زمر فاسدة  اثبتت فسادها  في كل مفصل من مفاصل الحياة.

ان التفاعل الذي شهدناه عبر محطات التفزة الفضائية  خلال الايام الخمسة الماضية، اي طيلة فترة المهرجان، يعتبرحدثا فنيا وثقافيا ودليلا على رغبة الشعب للتخلص من اثارالاقتتال الطائفي والمذهبي الذي جاءت به الزمر الحاكمة منذ 2003 ولغاية الان.

ان رفض منظمي المهرجان  ونقابة الفنانين العراقيين  والجماهير  لطلب المحافظ والمجموعات الدينية وانفعال الجماهير مع هذا المهرجان،ليس الا تحديا وتحدي  لهؤلاء "الولائيين"والمتحكمين  الذين  يعيشون في المنطقة الخضراء ومنها القصر الجمهوري والقصور  الفارهة التي تركها لهم صدام حسين!! تحدي للذين  يرغبون بجعل العراق قندهار ثانية ودلالة واضحة بان الشعب العراقي يريد ان يكسر  قيود المعممين وافكارهم العقيمة التي تريد تسميم المجتمع العراقي وخاصة الشباب واغراقهم بالمخدرات  والادمان والتعاطي  وتجارتها  من قبل  المليشيات المسلحة !!

ان كل انواع الفساد الذي يعم العراق، واغراق المدن  بالفوضى  والاغتيالات  من قبل الطرف الثالث والقناصة واستشهاد المئات من الشباب من ثوار تشرين والالاف من الذي جرحوا في تلك المظاهرات او الخطف والترهيب، لم يعترض عليه  احد من هؤلاء الطلبة وشخصياتهم الدينية المتشددة  الذين يخرجون عبر محطاتهم التلفزيونية  ويدعون الى الاخلاق الحميدة  وهم من باع الاخلاق والضمير في ابخس الاسعار واصبحت شعارتهم سلعة تجارية   باسم الدين !!

ان مهرجان بابل الذي شارك فيه اكثر من250 فنانا من المطربين والموسيقين وشعراء  ينحدورن من 58 دولة عربية  واوربية واسوية وافريقية مثل روسيا وايطاليا واسبانيا وهولندا ومصر وسورية  ولبنان والكويت وغيرها،وان اختيار  بابل لمهرجان لم ياتي اعتباطا، بل احياء لهذا التراث الذي يعود تاريخ مدينة بابل إلى نحو اربعة آلاف عام، وتشتهر بالجنائن المعلقة الموجودة في قائمة عجائب الدنيا السبع القديمة، إلى جانب مسلة حمورابي، وأسد بابل وملكها حمورابي وما شرعه من قوانين تدرس في ارقى الجامعات العالمية  ، وان تحدي الجماهير لدعوات المتطرفين  هو فرصة للفرح والحرية  والتواصل بين الشباب و عائلاتهم  الذين يعانون من انحسار مساحات الترفية والمهرجانات الموسيقية  والفنية والثقافية والتراثية ،الذي غاب عنهم لاكثر من 18 عاما، وحتى هذه الفرصة يسعون  هؤلاء المتخلفين للتضيق عليها بكل الوسائل وبحجة فتاوي الحلال والحرام ووفق مصالحهم.

في اعتقادنا بان مهرجان بابل  صفعة اخرى بعد صفعة الانتخابات التي خسرت الاحزاب والمليشيات الاسلامية عدد من مقاعدها في مجلس النواب العراقي وفوز 9 من حركة  امتداد الناشئة  التشرينية واكثر من 20 من المستقلين الى قبة البرلمان والتي  سوف يكون صوتهم  لاول مرة صوت لا ينتمي الى الولاءات الطائفية والمذهبية والايرانية، والسؤال الذي يفرض نفسه، هل تتعظ المليشيات والاحزاب الاسلامية  المتطرفة وبعض فصائلها من الحشد الشعبي  بعد هذه الصفعات التي توالت الواحدة بعد اخرى، ان تعيد حسابتها! ام تستمر  بالتضيق على حرية الشباب  وتغذيتهم  بافكار مغلوطة  ومزيفة  وترهيبهم باسم الدين!!

ان شباب تشرين وكل ثوار الانتفاضة  قادرين على  المضي باستعادة حريتهم  ووضع اقدامهم على سكة التعافي من الافكار المسمومة  التي بثتها المليشيات المسلحة ، واليوم آن الأوان للشباب ان يزيحوا  تلك المليشيات من مواقعها  بتكرار الصفعات  الواحدة بعد الاخرى، فالصفعة الاولى  في الانتخابات لم تبرد، حتى تلقت الصفعة الثانية من بابل، وستكرر الصفعات الى ان تترنح تلك المليشيات وتسقط في قمامة التاريخ.

  كتب بتأريخ :  الأربعاء 03-11-2021     عدد القراء :  2202       عدد التعليقات : 0