"الشيء المقرف في الديمقراطية أنك تضطر لسماع الاحمق"
رينيه ديكارت الفيلسوف الفرنسي
كما نعلم بان اياد علاوي البعثي السابق"عضواً في حزب البعث، وعضواً في مكتب في القيادة القطرية" والهارب من نظام صدام، ثم احد زعماء"المعارضة" العراقية، دخل الانتخابات البرلمانية قي 7 مارس 2010 ففازت قائمته العراقية بـ 91 مقعد، واحتلت القائمة على المركز الأول من بين الكيانات المتنافسة، مكتسحا كل القوائم التابعة للاحزاب الدينية الاسلامية والتي كانت تحت ظلال المرجعية ومنها حزب الدعوة الذي يتراسه نوري المالكي، ويعلم القارئ الكريم تفاصيل تحالفات الاحزاب الاسلامية وبمباركة المحكمة الاتحادية وتفسيرها، التي ادت الى تشكيل نوري المالكي حكومته السيئة الصيت ، هذه الحكومة التي رسخت الفساد في كافة مفاصل الدولة واصبح المال المنهوب من خزينة الشعب حلالا للاحزاب الاسلامية وميلشياتها، واصاب العلمانيون والديمقراطيون بخيبة امل من ابعاد اياد علاوي الذي كان يحضى بشريحة واسعة من الشعب العراقي الذين يرغبون بديمقراطية علمانية حقيقية بعيدة عن الخطاب الاسلامي السياسي ، والفكر الطائفي المتطرف.
بعد هذه الانتخابات بدا تراجع نفوذ اياد علاوي و خروج عدد كبير من اعضاء كتلته وتشكيل كيانات جديدة وباسماء جديدة،فحصلت كتلته الوطنية في عام 2014على 21 مقعدا فقط ! الى ان عزف اياد علاوي عن ترشيح نفسه في الانتخابات المبكرة الاخيرة في تشرين الاول/ اوكتوبر 2021 والتي خسرت فيها الديناصورات الاسلامية ومليشياتها عدد كبير من مقاعدهم ومنها حيدر العبادي وعمار الحكيم وهادي العامري، التي اعترضت على هذه النتائج وقامت باعتصامات في المنطقة الخضراء والقارئ على علم بكل التفاصيل عبر الاعلام والقنوات الفضائية المحلية والعالمية، وفي لقاء مع اياد علاوي على القناة الشرقية وسؤال عن رائيه في ايجاد مخرجات للازمة القائمة بين مقتدى الصدر الذي فرض نفسه بقوة على الساحة السياسية وبين "الإطار التنسيقي الشيعي" فادلى السيد اياد علاوي بدلوه قائلا "ادعو الى عقد مؤتمر مصغر لمناقشة مخرجات نتائج الانتخابات الاخيرة وطرق حلها وتعويض الخاسرين"ومثال ذلك"افترض كان من المتوقع ان تفوز احدى الجهات بـ 50 مقعد ولكن حصلت على 8 مقاعد، وهذا لا يجوز، فيمنح لهم عدة مقاعد، ليعادل وضعهم"
وسؤالنا هل السيد اياد علاوي يعمل في شركة تامين واحد من زبائنه احترق بيته ليعوضه عن دار اخرى! او اصطدام سيارة زبون فيقرر تعويضه باخرى! لو كان كذلك فيعتبر مديرا ناجحا للشركة، ولكن اياد علاوي، هو احد السياسيين العراقيين ويعتبر من زعماء المعارضة ضد النظام السابق الذي لعب دورا كبيرا في المعارضة العراقية في الخارج وتراس اول حكومة بعد الاحتلال في 2003وعاش الكثير من سنوات عمره في انكلترا التي يضرب بها المثل في نظامها الديمقراطي، ولكن اياد علاوي يطالب بتعويض الكتل الخاسرة بمقاعد برلمانية! والتي لم تجرأ الاحزاب الاسلامية الخاسرة في الانتخابات ان تطالب بالتعويض، بل طالبت باعادة الانتخابات او الفرز اليدوي وهي التي لا تعترف بالديمقراطية ولا بالانخابات النزيهة ، ولكن لم تستطيع ان تطالب بذلك، لعلمها مسبقا، بانه مثل هذا الطلب مثير للدهشة والاستغراب والسخرية!! ولكن اياد علاوي بكل وقاحة يضرب القانون والشرعية الديمقراطية ويخالف الدستور وهو السياسي الذي يتحدث عن الديمقراطية ويطالب بمطلب لم يسبقه احد حتى السياسيين الاغبياء! فاي من الديمقراطية التي تسمح بتعويض الحزب الخاسر بمقاعد اضافية! او ربما ديمقراطية جديدة نطلق عليها اسم" ديمقراطية علاوي" او"فتوى الشيخ علاوي"!
ان تصريحات اياد علاوي ، نسف واضح للعملية الديمقراطية والانقلاب على شرعيتها وخرقا واضحا للدستور والقانون والغاء دور الشعب في اختبار ممثليه في انتخابات نزيهة عبر صناديق اقتراع والفوز للاغلبية بدون تزوير او ترهيب او سلاح منفلت لانه هو مصدر السلطات وليس الشيخ علاوي او الاحزاب والمليشيات، كما نذكر الشيخ علاوي بان القانون الدولي لحقوق الانسان يمنح المواطنين الحق في" في "المشاركة في مجريات الحياة العامة، بشكل مباشر أو عبر ممثلين مُختارين بشكل حر" و"التصويت" في انتخابات دورية سليمة" في ظل "حق اقتراع عام وعلى قدم المساواة" و"اقتراع سري" بغرض "ضمان التعبير الحر عن إرادة الناخبين".
اياد علاوي بتصريحاته هذه، ينظم الى شلة قادة الضحالة السياسية في العراق المتهمون بجرائم الفساد بانواعها المالية والاخلاقية والادارية، وهنا يفرض سؤالا ،هل كان علاوي يلبس قناع الديمقراطية طيلة هذه السنوات، واعلانه بانه مدني ووطني وتقدمي ويؤمن بالدولة المدنية، دولة االعدالة والمواطنة المتساوية ولكن الظاهر من تصريحاته كان مؤمننا بديمقراطية مزيفة ليصل فيها الى مصالحه الشخصية، وربما يعتقد الشيخ علاوي بان الديمقراطية، قناع او ثوب او محبس او عمامة!!
ان الديمقراطية ليست سلعة للبيع او للشراء، يذهب ريعها الى جيوب الفاسدين ومن المستفدين الذين يختفون خلف الديمقراطية باقنعة مختلفة، ولا يمكن ان تخضع الى سيطرة اي حزب او مليشيا، وخلافه تكون ديمقراطية معطوبة او معيبة و اهانة لشعب عريق تحمل من المهانة من الاحزاب الاسلامية منذ 2003 الى الان ما يكفيه ويفيض.