العقل الضيق يقود دائما إلى التعصب:
أرسطو طاليس
يا ام الفستان الاحمر
فستانك حلو ومشجر
شاغل بالي
محير حالي
تالي متالي .. اتحسر
على ام الفستان الاحمر
لون خدودج لون الورد
ما تكلولي يحبوج اشكد
هذه بعض الكلمات لاغنية "ام الفستان الاحمر" للفنانة الكبيرة مائدة نزهت ، التي كانت تعتبر من ألمع نجوم الفن العراقي التي ظهرت منذ خمسينات القرن الماضي وحتى اعتزالها الفن في الثمانينات(1937 - 2018) ومن أوائل المطربات اللواتي ظهرن على شاشة التلفاز وتعد في مصاف المطربين الكبار وخاصة في مجال المقام العراقي، وكان الصوت المتميز مابين الأصوات العراقية ، واشتهرت بلقب ام الفستان الاحمر ابان حكم الزعيم عبدالكريم قاسم (1958 – 1963) حيث نالت هذه الاغنية شهرة واسعة بين ابناء الشعب العراقي بكافة اطيافه وفئاته واصبحت الاغنية الاكثر انتشارا وشعبية في الافراح والمناسبات الاجتماعية الخاصة و العامة والوطنية ورددها الصغار في الازقة والاحياء في كافة مدن العراق ولكن بعد انقلاب 8 شباط 1963 تعرضت هذه الاغنية الى منع بثها من الاذاعة والتلفزيون لكون اللون الاحمر يشير للثورة البلشيفية السوفيتية واصبحت اغنية محضورة حالها حال الحزب الشيوعي العراقي لانها تغني للون الاحمر وبما ان اللون الاحمر الذي هو شعار الحزب الشيوعي العراقي وعبر شعاراته وهتافته واهازيجه فقد تم حضرها، واصبحت اهازيجه من الممنوعات والمحرمات ومنها انذاك:
احمر علمنا
بيه منجل وجاكوك
احمر علمنا
و كذلك ( يا بو الماطور تانيني .. للساحة الحمرة وديني )
وكما نعلم بان قادة انقلاب 8 شباط ، دعوا بتصفية اغلب كوادر الحزب الشيوعي العراقي ، بعد اذاعة بيان رقم 13 الذي دعى رؤساء الوحدات العسكرية وقوات الشرطة والحرس القومي لإبادة الشيوعيين وكل من ( يعكر صفو الامن وسحقهم حتى العظم , حسب تعبيرهم ) وعلى الفور تم تعديل كلمات هذه الاغنية بعد 8 شباط 1963 في الاذاعة العراقية :
يا ام الفستان الاخضر
فستانج حلو مشجر
وتم تغير لون باصات نقل الركاب الحكومية من اللون الاحمر الى اللون الازرق وكانت تسمى بالامانة لكونها عائدة الى امانة العاصمة واصبح الاباء يحاولون بشتى الطرق منع اولادهم بترديد هذه الاغنية خوفا من تقرير يكتب من قبل "خلايا الدهاليز" وينفذ من قبل زوار الفجر واختفت جميع الاقمشة ذات اللون الاحمر من اسواق العراق وكذلك اسواق بغداد وسوق البزازين قرب الشورجة واصبح العثور على اي قطعة من القماش الاحمر من المعجزات بل لم يتجاسر احد ان يسال على هذا اللون الخطر والمحضور واختفت الاربطة ذات اللون الاحمر من محلات الالبسة الرجالية و اصبح هذا اللون يجلب المصائب والمتابع على الباحث عنه ولكن الطماطة فلتت من هؤلاء الزوار وبقى لونها الاحمر في مزارع الخضروات ومحلات البقالة للفواكهة والخضروات ما عدا طماطة الاختان نشمية وتسواهن عندما امرهما زائر الفجر بان تقطف الطماطة من مزرعتهما الصغيرة وهي خضراء لتسوق فورا بسعر بخس الى محلات الطرشي المدبس في مدينة النجف الذي كان مشهورا ومازال بالرغم من ان بعض "الشيوخ" قبل عدة سنوات حرم اكل الطرشي المدبس بسبب دبس التمر الذي يتحول الى "الخمر" تدريجيا !! والملفت للنظر بان الفنانة مائدة نزهت توقفت عن اداء الاغنية باللون الاحمر، ولكن قدمتها في دمشق باللون الاخضر عام 1978بالرغم من عدم وجود الحضر انذاك!!
اما في عام 1965، فقد غزت اسواق بغداد وخاصة في الكرادة والمنصور مناديل ورقية والتي يسيمها البعض “كلينكس" ذات اللون الاحمر، وكانت من انتاج معمل اصحابه عائلة يهودية عراقية في منطقة العلوية ، حيث كانت تباع العلبة بضعف سعر العلبة ذات المناديل الورقية البيضاء، وعاد اللون الاحمر الى الظهور علنا واعيد طلاء سيارات"الامانة" باللون الاحمر كما تم استيراد باصات جديدة حمراء اللون ، اما الاختان نشمية وتسواهن فقد قررتا ان تنتظران وقت نضوج الطماطة ثم تسوقان المحصول الاحمر الى "العلوة" مباشرة بدون خوف او ارهاب زائر الفجر.
بعد 2003، اختفى اللون الزيتوني، ليتغلغل "اللون الأسود" في مفاصل الدولة والاحزاب والمليشيات الاسلامية ورجالها ونسائها واطفالها وشيوخها وشبابها والتي تميز بردائهم الاسود في حضورهم في كافة المناسبات ...!!
الظاهر" ماتصير لنا جارة" وكل لون والقارئ بخير..!!