لم تمر فترة منذ تأسيس الدولة العراقية مشابهة في القتل والاغتيال الطائفي مثلما كانت أعوام ( 2006 – 2007 ) ، التاريخ لم ينس مجازر انقلاب 8 شباط 1963 الا انها كانت سياسية قومية متطرفة بتجاه معاداة الحزب الشيوعي العراقي، اما اليوم بعد السقوط والاحتلال ابتلى العراق والعراقيين بالإرهاب والميليشيات الطائفية وحكومة اكثر طائفية من غيرها، وكانت الجثث خلف سدة ناظم باشا وعلى الأرصفة والشوارع ولم تسلم حتى المزابل منها، فالخطف والقتل والاغتيال الطائفي عبارة عن سلاح استعمل بشكل واسع ولم تسلم الأسماء من القتل الطائفي والتفجيرات التي كانت تحصد العشرات بدون استثناء او تمييز هو هدف يراد منه الإبادة الجماعية لطرف معين مهما كان الثمن باهضاً واعتبرت الإبادة عبارة عن منهج تدميري على أسس مذهبية ودينية وتطبق عليه " المادة 2 من اتفاقية منع ومعاقبة جريمة الإبادة الجماعية (cppcg)عام 1948 حيث نصت " أي فعل من الأفعال التالية المرتكبة بقصد التدمير الكلي أو الجزئي لمجموعة وطنية أو عرقية ، أو عنصرية أو دينية، مثل: قتل أعضاء من الجماعة، وإلحاق ضرر جسدي أو عقلي جسيم بأفراد الجماعة، وفرض تدابير تستهدف منع الإنجاب داخل الجماعة، ونقل الأطفال قسرا من مجموعة إلى مجموعة أخرى" وما جرى ويجري في العراق عبارة عن مخطط اعيد صياغته ورتب أسلوبه واتجاهاته العنصرية الإرهابية ، ولا نستبعد وجود العقلية نفسها في الوقت الحالي عند قادة المليشيات التابعة المتطرفة وهو نوعاً من التطهير العرقي فقد جرت محاولات عديدة لطرد مجموعة عراقية من مساكنها واراضيها والتهديد بالقتل بهدف تدمير جماعي بالضد من المجوعة الأخرى بهدف التطهير الطائفي مثال " جرف الصخر او بعض المناطق في العاصمة بغداد وغيرها "ان ابعاد او فصل مجموعة مذهبية عن مناطقها السكنية او أراضيها الزراعية او ابعادهم خارج البلاد يشكل ابادة ثقافية ايضاً ضمن التطهير العراقي ويعتبر جريمة بحق الإنسانية وحقوق الانسان ، وهو ما حدث العديد من المناطق حيث شارك الإرهاب داعش او التنظيمات الإرهابية المتطرفة من جهة ومن جهة اخرى المليشيات الشيعية الطائفية المسلحة المرتبطة خارجياً بفعل هذه الجرائم المنافية للقوانين والأنظمة المرعية.
ان تنظيم الدولة الإسلامية " داعش" لم يتمكن من السيطرة على الموصل والمناطق الأخرى الا بانهيار وفرار قطاعات من الجيش العراقي وتراخي حكومة نوري المالكي، هذه القطاعات العسكرية الحكومية التي كانت تفوق داعش بالسلاح والأعداد البشرية بشكل واسع، وكان الضباط في المقدمة وخلع الكثير من الجنود ملابسهم تاركين أسلحتهم لينضموا الى المواطنين المدنيين الخائفين وجرى التخلي عن الكثير من المدرعات والأسلحة المتطورة، واشار البعض من الاواسط القريبة من داعش انهم نهبوا نحو ( 500) مليون دولار " من فرع البنك المركزي في مدينة الموصل " وتمكن داعش من السيطرة على الموصل بكاملها بسب انهيار الجيش ايضاً في المنطقة الشمالية، ولهذا سارعت ميليشيات داعش الدخول الى وادي دجلة وراحت تستولي على المدن والقرى واحدة تلو الأخرى وتمكن تنظيم داعش السيطرة على مدينة بيجي ومصفاة النفط ثم الاستيلاء على مدينة تكريت وامتد الى مناطق عديدة قريبة من العاصمة، اما الحكومة العراقية برئيس وزرائها الأسبق نوري المالكي فقد بقت وكأنها ليس معنية ولا حول ولا قوة ما عدى التصريحات الفضفاضة امام جريمة سبايكر الدموية أو تدمير الموصل ومناطق ومدن عراقية ( هناك اتهامات لرئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي وسياسته الطائفية ساعدت بطرق مختلفة داعش ) ولا بد من الإشارة الى القتل المبرمج الإرهابي ضد المواطنين العراقيين الازيديين الذين بقوا تحت طائلة العقاب الإرهابي، نساء وأطفال وشيوخ ورجال ليتم فصل الأطفال والنساء واخذهم غنائم حرب كسبايا وإخضاع النساء للتمتع الجنسي وبيع البعض منهن كسبايا وعبيد وكما اكدت العديد من المصادر وجود آلاف من المفقودين.
ان الفجيعة التي اصابت الايزيديين تعدُ مع الفواجع التي اصابت المجتمع البشري وتعتبر أبادة جماعية ضد هذا المكون العراقي، لقد قام داعش الإرهاب بارتكاب ابشع الجرائم ضد الأطفال والنساء والشيوخ والرجال دون استثناء ومارس هذا التنظيم الإرهابي مختلف الأساليب وحشية وقذارة تجاه النساء وبخاصة سبي الفتيات المخطوفات والتلاعب بمصيرهن وبحياتهن واستخدام تجارة الرقيق والزيجات القسرية ، ولم يتوان التنظيم الإرهابي من قتل العشرات ودفنهم في مقابر جماعية ، تسعة سنوات من القهر والحزن والقلق والانتظار من اجل تحقيق العدالة في قضية إنسانية متشعبة الجوانب منها معرفة مصير العشرات الذيم فقدوا بطرق وحشية بما فيها المقابر الجماعية التي بلغت لحد الان ( 83 ) مقبرة جماعية إضافة الى حوالي (3) آلاف مختطف ، كما قام المجلس الأعلى بإحصاء ضحايا داعش الإرهاب والابادة الشاملة للأزديين في العراق وسوريا وأشار عن مقتل حوالي ( 10 ) آلاف أزيدي وتم اغتصاب ( 6 ) آلاف امرأة وفتاة أزيدية ولا يزال حوالي ( 3200 ) أزيدي وأزيدية مفقودين فضلاً عن فرار عشرات الالاف نتيجة الوحشية والخوف من القتل والسبي وأشار المجلس الأعلى أن " الاعتداءات الإرهابية التي تعرضت لها أوروبا مؤخرا، أظهرت جليّا أنه من مصلحة الأسرة الدولية القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية".
نعم انها ذكرى فاجعة وموجعة ليس للأزديين فحسب، بل لكل الشرفاء في العراق والعالم ولهذا « اعتبرت الحكومة البريطانية قبل فترة أنهم ضحايا "ممارسات إبادة" على يد التنظيم الإرهابي أقلية إثنية ودينية ناطقة بالكردية كانت تتركز في جبل سنجار شمال غربي العراق" الإبادة شملت جميع مناطق الازيديين والمسحيين ذلك الكابوس الذي دمر المناطق الغربية وجعل مدنها خرائب وأنقاض ونتيجة الإرهاب والقتل الوحشي هرب الالاف منهم خوفاً من الإرهاب ووحشية الممارسات الاجرامية ، هكذا تركت الحكومة العراقية حينذاك حوالي ( 7 ) الاف ميل واكثر من ( 12 ) ألف كم تحت رحمة داعش الإرهاب بينما كانت في الوقت نفسه مشغولة في تغذية المليشيات الطائفية واستغلت فتوى السيد السيستاني في حزيران 2014 حول الجهاد الكفائي التي تقول " ان طبيعة المخاطر المحدقة بالعراق وشعبه في الوقت الحاضر تقتضي الدفاع عن هذا الوطن وأهله وأعراض مواطنيه وهذا الدفاع واجب على المواطنين بالوجوب الكفائي، ومن هنا فإن على المواطنين الذين يتمكنون من حمل السلاح ومقاتلة الإرهابيين دفاعاً عن بلدهم وشعبهم ومقدساتهم عليهم التطوع للانخراط في القوات الأمنية لتحقيق هذا الغرض المقدس" والدعوة عامة استغلت من قبل مليشيات شيعية مسلحة تابعة كانت موجودة وتقاتل في العراق او سوريا، وبدلاً من الانضمام للقوات الأمنية قاموا بتأسيس الحشد الشعبي الذي استغل من قبل البعض ليكن خاصاً بهم.
ان قضية مأساة المواطنين الازيديين مازالت ماثلة امام اعين الجميع وحظيت باهتمام الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الانسان والمجتمع الدولي وكانت محط ادانة شاملة من قبل القوى الخيرة والوطنية والديمقراطية داخل العراق وخارجه مطالبة بالتحقيق النزيه وتقديم المقصرين والمشاركين من المسؤولين العراقيين او داعش الإرهاب الى القانون والعدالة، والعمل باتجاه حل مشاكلهم وتقديم الدعم والتعويضات المادية ومعرفة مصير المفقودين منهم ، لقد عانى الازيديين على مر القرون الاضطهاد بسبب ديني والارتباط بالكرد وحان الوقت لأنصافهم والاعتراف بحقوقهم وتقديم العون المعنوي والمادي لهم وبخاصة ونحن نسمع البعض من الأصوات تطالب بهجرتهم خارج العراق وهي عملية لا تقل قذارة من المأساة والهدف تفريغ العراق من مواطنين موجودين منذ الاف السنين ويشكلون جزء هام من الشعب العراقي، مثلما حدث للمسيحيين العراقيين.