الانتقال الى مكتبة الفيديو

 
مناهضة العنف ضد المرأة ..قانون معطّل منذ خمس سنوات!

تعريف موجز

حددت الجمعية العامة للأمم المتحدة بقرارها(54 / 134 - 1999) يوم 25 تشرين الثاني / نوفمبر "اليوم العالمي للقضاء على العنف ضد المرأة" ويستمر لغاية 10 كانون الأول/ ديسمبر، يكون الهدف منه..

رفع الوعي بمدى حجم المشكلات التي تتعرض لها المرأة حول العالم مثل الإغتصاب والعنف المنزلي وغيره من أشكال العنف المُتعددة؛وكشف الطبيعة الحقيقية لمشكلة ما تزال مختفية. واختير هذا اليوم منذ عام 1981 على إثر الاغتيال الوحشي عام 1960 للأخوات ميرابال الثلاثة وهن ناشطات سياسيات من جمهورية الدومينيكان، وذلك بناء على أوامر من الحاكم الدومينيكي رافاييل ترخيو.

وتذكر الأمم المتحدة في منشورها حقائق وأرقام بأنه:

تُقتل 5 نساء أو فتيات في كل ساعة على يد أحد أفراد أسرهن.

تتعرض واحدة من كل ثلاث نساء للعنف الجنسي أو الجسدي مرة واحدة على الأقل في حياتها.

تعيش 86% من النساء والفتيات في بلدان لا توجد بها أنظمة حماية قانونية من العنف القائم على النوع الاجتماعي.

وفي العام 2014 كان الموضوع الرسمي، المُصاغ من قبل مبادرة الأمين العام للأمم المتحدة والمسماة بـ (الاتحاد لإنهاء العنف ضد المرأة)، هو لوّن جارك باللون البرتقالي،فيما كان الشعار الرسمي للحملة عام 2018 هو "لوّن العالم بالبرتقالي: اسمعني_أنا_أيضاً"، كون اللون البرتقالي يمثل مستقبلاً مشرقاً وعالماً خالياً من العنف الموجّه ضد النساء والفتيات. وتضمنت الحملة 16 يوماً من النشاط، روت فيهم نساء عديدات قصصاً عن معاناتهن من العنف الموجّه، كما سلّطت الحملة الضوء على نساء ورجال شجعان يعملون على تمهيد الطريق لعالم أفضل، وأكثر أمان ومساواة.

في العراق..الحال أسوأ

اليكم من الأدلة ما يؤكد ذلك:

افاد تقرير (مركز المعلومة للبحث والتطوير) بأن (46%)من النساء العراقيات يتعرضن للعنف،مستندا الى دراسات ميدانية،قدمت نتائجها بمناسبة اليوم الدولي للقضاء على العنف ضد المرأة الذي يصادف في الخامس والعشرين من تشرين/ نوفمبر من كل عام.واللافت فيه ان تعاطي الزوج للمواد المخدرة جاء بنسبة(64%) محتلا المرتبة الثانية في اسباب العنف بعد المشكلات الاقتصادية،يليه بالمرتبة الثالثة وبنسبة(56%)استخدام الزوج للعنف كحق من حقوقه التي ينص عليها الدين!

في تقرير اخباري لفضائية الحرة-عراق أفاد ان حالات الطلاق بالعراق في تزايد مسجلة ارقاما قياسية وصلت الى (50%) من عدد المتزوجين.ووفقا لمجلس القضاء الأعلى،بلغ عدد دعاوى الطلاق في 2004 (28689) حالة ارتفعت في 2005 الى(33348)،ووصلت في 2006 الى(36627) لتقفزفي 2012 الى ما يشبه الكارثة هو (50)حالة طلاق مقابل (100)حالة زواج..اي ان كل مليوني حالة زواج تقابلها مليون حالة طلاق!. وفي (آب 2022) بثت فضائيات عربية عنوانا لافتا(يحدث في العراق..سبع حالات طلاق في الساعة الواحدة!)..ما جعل القضاة يصفون ظاهرة الطلاق بأنها صارت توازي ظاهرة الارهاب!.

افادت دراسة لوزارة التخطيط(2012) بأن 36%من النساء المتزوجات يتعرضن للعنف الجسدي والنفسي والجنسي من الأزواج.

المدى تتساءل:

في 22 / 11 / 2022 تساءلت جريدة المدى :ما الذي حصل لهذ القانون؟

وأجاب كاتب المقال : حصل انه لم يقر لثلاثة أسباب:

الاسلاميون رفضوا تمريره والغريب ان النائبات في البرلمان عارضنه بشدة،

الاحزاب الشيعية تحديدا كانت الاشد معارضة لأنها اعتبرته مخالفا للشريعة الاسلامية،

مشروع قانون العنف ضد المرأة كان قد قدم الى العراق بعد التغيير،وفيه مادة تخص حرية المثليين،وكانت ممثلة الامم المتحدة جنين بلاسخارت قد رفعت علم المثليين في وسط بغداد.

قانون منهضة العنف الأسري

في العام (2019) صدر في العراق قانون (مناهضة العنف الأسري) متضمنا (27) مادة بدأت بتعريف العنف بأنه (كل فعل أو امتناع عن فعل أو التهديد بأي منهما،يرتكب داخل الاسرة،يترتب عليه ضرر مادي أو معنوي)..

وحدد هدفه بـ (حماية الاسرة،وعلى وجه الخصوص النساء والفتيات من كافة اشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي،والحد من انتشاره والوقاية منه،ومعاقبة مرتكبيه،والتعويض عن الضرر الناتج عنه، وتوفير الحماية للضحايا،وتقديم الرعاية اللازمة لهم وتأهيلهم، وتحقيق المصالحة الاسرية). وختمها بتحديد الأسباب الموجبة في:(الحد من مظاهر العنف الأسري،والقضاء على أسبابه،وحماية للأسرة وأفرادها،وتحمل الدولة لمسؤولياتها،ووقاية المرأة من الأفعال التي تشكل عنفاً بأشكاله المختلفة، مما يستوجب السعي الحثيث لتجريم تلك الأفعال وملاحقة مرتكبيها،وتوفير الخدمات اللازمة،ونظراً لكون العنف ضد المرأة يعدّ شكلا من اشكال التمييز،وانتهاكاً لحقوق الانسان،والتزاما بالصكوك والمعاهدات والمواثيق الدولية،التي صادق عليها العراق،وانسجاماً مع ميثاق الأمم المتحدة والقرارات الأممية،وسيرا على خطى مبادئ المجتمع الدولي،وتنفيذاً لأحكام المادة 29 من الدستور).

وكنا اوضحنا بمقال سابق في المدى الى ان القانون ما كان دقيقا في تعريفه للعنف ضد المرأة،اذ هو يعني في مفهومنا نحن السيكولوجيين المعنيين بهذا الموضوع:(اي سلوك یصدر من الرجل بطابع فردي أو جماعي، وبصورة فعلیة أو رمزیة أو على شكل محاولة أو تهدید أو تخویف أو استغلال أو التأثیر في الإرادة، في المجالات الأسریة أو المجتمعیة أو المؤسسیة، سواء أكان هذا الرجل أب، أخ، عم، خال، زوج، إبن، زمیل، أو أي رجل آخر قریب أو غریب بقصد إیذائها جسدیا أًو جنسیا أًو نفسیا أًو لفظیاً،أو بقصد التحقیر والحط من شأنها أو الانتقاص منها،أو انتهاك حقوقها الإنسانیة أو القانونیة أو كلیهما، مما یتسبب في إحداث أضرار مادیة أو معنویة أو كلیهما بغیة تحقیق غرض شخصي لدى المعنَفِ ضد المرأة الضحیة).

فضلا عن ان دليل الأمم المتحدة يوصي بأن تشمل التعريفات القانونية للعنف الأسري عناصر العنف المتمثلة بـ(الجسدي والجنسي والنفسي والأقتصادي)..ولم يوضح القانون العراقي العنف الأقتصادي الذي يتضمن سيطرة الزوج او الزوجة على المصدر المالي للأسرة،او منع احدهما للآخر بتحصيل سلع او ممتلكات،او استفراد احدهما بالقرار الأقتصادي الخاص بالأسرة.

واضفنا بأن القانون غفل تأكيده على اخطر واكثر انواع العنف شيوعا في المجتمع العراقي..(العنف النفسي) الذي يستهدف محاربة الضحیة معنویا،وإذلالها نفسیا بًإیجاد المعنف لنفسه الأعذاركأن تكون تحت مسمى الدین أو السلطة فيعمد الى الحبس وتقیید الحریة، فرض الحجاب، الطرد، الهجر، الجفاء، التحقیر..وإذلالها وإشعارها بالدونیة أو الشتم،واتهامها بالجنون أو التهدید التي تؤدي الى قتل الطاقات العقلية والاصابة بامراض نفسية مثل الاكتئاب والانكفاء على الذات.

ولا يشير مشروع القانون إلى أنواع الأدلة التي يمكن قبولها في قضايا العنف الأسري،التي حددها مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة بـ(أدلة الطب الشرعي،أقوال الضحايا،صور فوتوغرافية،شهادات خبراء،ملابس ممزقة،ممتلكات مُتلفة،تسجيلات هواتف خلوية،وسجلات مكالمات طواريء..).

توصيتان

الأولى

حين تولى السيد محمد شياع السوداني رئاسة الحكومة ..أوصينا بتشكيل لجنة يكون بين اعضائها علماء نفس واجتماع وخبراء مستقلين سياسيا لمراجعة القانون وتعديله بصيغة تتفق وجوهر الدين الأسلامي الذي اولى المرأة اهتماما كبيرا ونظر اليها نظرة تكريم واعتزاز وجعلها على درجة واحدة مع الرجل في التكريم، واستوصى بها النبي محمد خيرا في خطبة حجة الوداع " استوصوا بالنساء خيرا،فانكم اخذتموهن بأمانة الله"، وأن يساير القيم الحضارية في البلدان الديمقراطية، فهوية تقدم وديمقراطية اي بلد تكون بتطبيقه مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة..وهذا ما نأمله وان جاء متأخرا عشرين سنة!..والذي حصل ان القانون معطّل من خمس سنوات.. والمرجح ان السيد السوداني يعرف ان حكومته لن توافق ،لأن البرلمان العراقي بتشكيلته الجديدة لن يوافق بضمنه برلمانيات!

والثانية

توصية للمثقفات والمثقفين: ان العراق من ضمن الدول التي صادقت على هذا القانون..فلتتوحد جهودكم بالضغط على البرلمان العراقي لتحقيق شعار الأمم المتحدة: Violence against women must stop)))) .

  كتب بتأريخ :  الإثنين 27-11-2023     عدد القراء :  1248       عدد التعليقات : 0