منارة الحدباء في مدينة الموصل تنهض مجددا من وسط الركام بعد وضع آخر حجر فيها من قبل القائمين على إعادة إعمارها من الدمار الذي ألحقه بها تنظيم داعش عام 2017.
منظمة اليونسكو أعلنت رسميا انجاز أعمال البناء في المنارة لتستعيد مدينة الموصل أهم رموزها الحضارية بعد 3 سنوات من العمل المتواصل.
مدير موقع جامع النوري في منظمة اليونسكو المهندس، عمر طاقة، قال لقناة "الحرة" إن العمل اكتمل في منارة الحدباء بشكل نهائي، لكن الأعمال سستمر في بناء الجامع النوري الذي يحيط بالمئذنة حيث من المقرر إنجاز العمل مطلع العام المقبل، مشيرا إلى أن المنارة تمثل رمزا لهوية المجتمع الموصلي.
وأضاف المهندس طاقة طاقة أن "العمل يجري حاليا في الصيانة الدقيقة للأسطح الخارجية للمنارة بوضع اللمسات الاخيرة من نصب الابواب والانارة الداخلية بعد وضع اخر حجر فوق قبتها، مشيرا إلى أن الأعمال في بناء الجامع التاريخي وصلت الى نحو ٨٠ بالمئة حتى الان.
ولفت مدير موقع جامع النوري إلى أن "هذه الجهود الدقيقة تضمن أن يتم العمل وفقًا لأعلى المعايير الدولية، للحفاظ على إرث الحدباء للأجيال القادمة".
51 مترا بلغ ارتفاع منارة الحدباء بعد نصب أنطقتها السبعة بعمليات هندسية وتقنية معقدة، نفذتها الكوادر الفنية التابعة لمنظمة اليونيسكو، مع المحافظة على ميلانها الهندسي.
عبدالله العبيدي ممثل مفتشية اثار نينوى قال لقناة الحرة إن المفتشية استخدمت أكثر من 40 ألف قطعة حجرية بعد جمعها من ركام الدمار الذي خلفة تفجير المأذنة من قبل تنظيم داعش.
عودة المنارة إلى وضعها الطبيعي أثار ردود فعل إيجابية من قبل الشارع الموصلي والمهتمين بالشأن التاريخي لما لها من قيمة حضارية تشكل هوية الموصل.
أيوب ذنون، سفير اليونسكو لمبادرة "روح الموصل"، قال للحرة إن إعادة اعمار منارة الحدباء هي "فرحة غمرت الموصل والعراق ككل، لأن هذه المنارة تمثل هوية الموصل وتاريخها وحضارتها".
وتعد منارة الحدباء من أقدم المعالم الأثرية الإسلامية في مدينة الموصل ويتجاوز عمرها 850 عاما وتقع بالقرب من الجامع النوري الذي من المؤمل أن تنتهي إعادة إعماره مطلع العام المقبل.
وتُعرف منارة الجامع النوري الكبير في الموصل بلقب "الحدباء" بسبب ميلانها المميز، وبتمويل من الإمارات، أنجزت منظمة اليونسكو بالتعاون مع مديرية الوقف السني في نينوى، ومفتشية تراث وآثار المحافظة، أعمال إعمار منارة الحدباء، والجامع النوري.
ومن المسجد النوري أعلن زعيم تنظيم داعش في حينه، أبو بكر البغدادي، صيف 2014، خلال ظهوره العلني الأول والوحيد، قيام "دولة الخلافة".
ودمر الجامع ومنارته الحدباء في يونيو 2017 خلال المعارك بين القوات العراقية وتنظيم داعش بفعل متفجّرات وضعها المتشددون داخل المسجد.
منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (اليونسكو) قالت في فبراير 2022 إنّه "بعد ثلاث سنوات من الأعمال التحضيريّة المُكثّفة، ستكون اليونسكو، بالشراكة مع الإمارات العربية المتّحدة، على أهبّة الاستعداد للشروع في أعمال إعادة إعمار المئذنة الحدباء وكنيستَي الساعة والطاهرة في شهر مارس القادم".
وجمعت اليونسكو حتى ذلك الوقت 110 مليون دولار من أجل "إحياء روح الموصل"، وهو المشروع الذي أطلقته المنظمة في 2018 لإعادة إعمار المعالم الأثرية في ثاني كبرى مدن العراق بعدما رزحت تحت سطوة المتشددين طوال أربع سنوات.
بالإضافة إلى مشروع ترميم هذه المعالم الأثرية، البالغة كلفته 50 مليون دولار، يشمل المشروع خصوصاً إعادة إعمار 122 منزلاً تاريخياً في البلدة القديمة، بتمويل من الاتحاد الأوروبي قيمته 38.5 مليون دولار.
وعزا بيان اليونسكو الفترة الطويلة التي استغرقتها الأعمال التحضيرية إلى "عملية إزالة الألغام من المواقع الأربعة، التي تكبّدت أضراراً جسيمة من جرّاء الأشراك المفخّخة والمواد الخطرة والذخائر غير المنفجرة".